سورة الإسراء

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [١]

تفسير الأية 1: تفسير الجلالين

( سبحان ) أي تنزيه ( الذي أسرى بعبده ) محمد صلى الله عليه وسلم ( ليلاً ) نصب على الظرف والإسراء سير الليل وفائدة ذكره الإشارة بتنكيره إلى تقليل مدته ( من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ) بيت المقدس لبعده منه ( الذي باركنا حوله ) بالثمار والأنهار ( لنريه من آياتنا ) عجائب قدرتنا ( إنه هو السميع...

وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا [٢]

تفسير الأية 2: تفسير الجلالين

قال تعالى { وآتينا موسى الكتاب } التوراة { وجعلناه هدى لبني إسرائيل } لـ { أ } ن { لا يتخذوا من دوني وكيلاً } يفوضون إليه أمرهم وفي قراءة تتخذوا بالفوقانية التفاتا فأن زائدة والقول مضمر .

ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا [٣]

تفسير الأية 3: تفسير الجلالين

يا { ذرية من حملنا مع نوح } في السفينة { إنه كان عبدا شكورا } كثير الشكر لنا حامدا في جميع أحواله .

وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا [٤]

تفسير الأية 4: تفسير الجلالين

{ وقضينا } أوحينا { إلى بني إسرائيل في الكتاب } التوراة { لتفسدن في الأرض } أرض الشام بالمعاصي { مرتين ولتعلُن علوا كبيرا } تبغون بغيا عظيما .

فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا [٥]

تفسير الأية 5: تفسير الجلالين

{ فإذا جاء وعد أولاهما } أولى مَرَّتي الفساد { بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد } أصحاب قوة في الحرب والبطش { فجاسوا } ترددوا لطلبكم { خلال الديار } وسط دياركم ليقتلوكم ويسبوكم { وكان وعدا مفعولاً } وقد أفسدوا الأولى بقتل زكريا فبعث عليهم جالوت وجنوده فقتلوهم وسبوا أولادهم وضربوا بين المقدس .

ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا [٦]

تفسير الأية 6: تفسير الجلالين

{ ثم رددنا لكم الكرة } الدولة والغلبة { عليهم } بعد مائة سنة بقتل جالوت { وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا } عشيرة .

إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا [٧]

تفسير الأية 7: تفسير الجلالين

وقلنا { إن أحسنتم } بالطاعة { أحسنتم لأنفسكم } لأن ثوابه لها { وإن أسأتم } بالفساد { فلها } إساءتكم { فإذا جاء وعد } المرة { الآخرة } بعثناهم { ليسوءوا وجوهكم } يحزنوكم بالقتل والسبي حزنا يظهر في وجوهكم { وليدخلوا المسجد } بيت المقدس فيخربوه { كما دخلوه } وخربوه { أول مرة وليتبروا } يهلكوا { ما...

عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا [٨]

تفسير الأية 8: تفسير الجلالين

وقلنا في الكتاب { عسى ربكم أن يرحمكم } بعد المرة الثانية إن تبتم { وإن عدتم } إلى الفساد { عدنا } إلى العقوبة وقد عادوا بتكذيب محمد صلى الله عليه وسلم فسلط عليهم بقتل قريظة ونفي النضير وضرب الجزية عليهم { وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا } محبسا وسجنا .

إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا [٩]

تفسير الأية 9: تفسير الجلالين

{ إن هذا القرآن يهدي للتي } أي للطريقة التي { هي أقوم } أعدل وأصوب { ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا } .

وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [١٠]

تفسير الأية 10: تفسير الجلالين

{ و } يخبر { أن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا } أعددنا { لهم عذابا أليما } مؤلما هو النار .

وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا [١١]

تفسير الأية 11: تفسير الجلالين

{ ويَدْعُ الإنسان بالشر } على نفسه وأهله إذا ضجر { دعاءه } أي كدعائه له { بالخير وكان الإنسان } الجنس { عجولا } بالدعاء على نفسه وعدم النظر في عاقبته .

وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا [١٢]

تفسير الأية 12: تفسير الجلالين

{ وجعلنا الليل والنهار آيتين } دالتين على قدرتنا { فمحونا آية الليل } طمسنا نورها بالظلام لتسكنوا فيه والإضافة للبيان { وجعلنا آية النهار مبصرة } أي مبصرا فيها بالضوء { لتبتغوا } فيه { فضلاً من ربكم } بالكسب { ولتعلموا } بهما { عدد السنين والحساب } للأوقات { وكل شيء } يحتاج إليه { فصلناه تفصيلاً...

وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا [١٣]

تفسير الأية 13: تفسير الجلالين

{ وكل إنسان ألزمناه طائره } عمله يحمله { في عنقه } خص بالذكر لأن اللزوم فيه أشد وقال مجاهد: ما من مولد يولد إلا وفي عنقه ورقة مكتوب فيها شقي أو سعيد { ونخرج له يوم القيامة كتابا } مكتوبا فيه عمله { يلقاه منشورا } صفتان لكتابا .

اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا [١٤]

تفسير الأية 14: تفسير الجلالين

ويقال له { اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا } محاسبا .

مَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا [١٥]

تفسير الأية 15: تفسير الجلالين

{ من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه } لأن ثواب اهتدائه له { ومن ضل فإنما يضل عليها } لأن إثمه عليها { ولا تزر } نفس { وازرة } آثمة أي لا تحمل { وزر } نفس { أخرى وما كنا معذبين } أحدا { حتى نبعث رسولاً } يبين له ما يجب عليه .

وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا [١٦]

تفسير الأية 16: تفسير الجلالين

{ وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها } منعميها بمعنى رؤسائها بالطاعة على لسان رسلنا { ففسقوا فيها } فخرجوا عن أمرنا { فحق عليها القول } بالعذاب { فدمرناها تدميرا } أهلكناها بإهلاك أهلها وتخريبها .

وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا [١٧]

تفسير الأية 17: تفسير الجلالين

{ وكم } أي كثيرا { أهلكنا من القرون } الأمم { من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا } عالما ببواطنها وظواهرها وبه يتعلق بذنوب .

مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا [١٨]

تفسير الأية 18: تفسير الجلالين

{ من كان يريد } بعمله { العاجلة } أي الدنيا { عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد } التعجيل له بدل من له بإعادة الجار { ثم جعلنا له } في الآخرة { جهنم يصلاها } يدخلها { مذموما } ملوما { مدحورا } مطرودا عن الرحمة .

وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا [١٩]

تفسير الأية 19: تفسير الجلالين

{ ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها } عمل عملها اللائق بها { وهو مؤمن } حال { فأولئك كان سعيهم مشكورا } عند الله أي مقبولاً مثابا عليه .

كُلًّا نُمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا [٢٠]

تفسير الأية 20: تفسير الجلالين

{ كلا } من الفريقين { نمد } نعطي { هؤلاء وهؤلاء } بدل { من } متعلق بنمد { عطاء ربك } في الدنيا { وما كان عطاء ربك } فيها { محظورا } ممنوعا عن أحد .

انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا [٢١]

تفسير الأية 21: تفسير الجلالين

{ انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض } في الرزق والجاه { وللآخرة أكبر } أعظم { درجات وأكبر تفضيلاً } من الدنيا فينبغي الاعتناء بها دونها .

لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا [٢٢]

تفسير الأية 22: تفسير الجلالين

{ لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولاً } لا ناصر لك .

وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا [٢٣]

تفسير الأية 23: تفسير الجلالين

{ وقضى } أمر { ربك أ } ن أي بأن { لا تعبدوا إلا إياه و } أن تحسنوا { بالوالدين إحسانا } بأن تبروهما { إما يبلغن عندك الكبر أحدهما } فاعل { أو كلاهما } وفي قراءة يَبْلُغان فأحدهما بدل من ألفه { فلا تقل لهما أف } بفتح الفاء وكسرها منونا وغير منون مصدر بمعنى تبا وقبحا { ولا تنهرهما } تزجرهما { وقل...

وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [٢٤]

تفسير الأية 24: تفسير الجلالين

{ واخفض لهما جناح الذل } ألن لهما جانبك الذليل { من الرحمة } أي لرقتك عليهما { وقل رب ارحمهما كما } رحماني حين { ربياني صغيرا } .

رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا [٢٥]

تفسير الأية 25: تفسير الجلالين

{ ربكم أعلم بما في نفوسكم } من إضمار البر والعقوق { إن تكونوا صالحين } طائعين لله { فإنه كان للأوابين } الرجّاعين إلى طاعته { غفورا } لما صدر منهم في حق الوالدين من بادرة وهم لا يضمرون عقوقا .

وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا [٢٦]

تفسير الأية 26: تفسير الجلالين

{ وآت } أعط { ذا القربى } القرابة { حقه } من البر والصلة { والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا } بالإنفاق في غير طاعة الله .

إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا [٢٧]

تفسير الأية 27: تفسير الجلالين

{ إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين } أي على طريقتهم { وكان الشيطان لربه كفورا } شديد الكفر لنعمه فكذلك أخوه المبذر .

00:00